اللهم إني صائم

(اللهم إني صائم)
استيقظ من نومه،كانت الساعة تشير إلى الثانية ظهراً،بسمَلَ وحوقلَ وتجشّأ وأطلق ريحاً،ونادى زوجته:
-يا أم محمد ،يا أم محمد.
كانت أم محمد في المطبخ،وكعادتها في رمضان تقوم بتجهيز طعام الفطور،ولكثرة انشغالها لم تسمعه،فأردف قائلاً:
-ولك ياحيوانة وينك،تعي يابنت الكلب،اللهم إني صائم.
ردّت بخوف:
-حاضر حاضر حجي آسفة والله ماسمعتك،كنت بالمطبخ،صح النوم يا تشكل آسي.
قال بفظاظة:
-انشالله يطبخوا عضامك بنار جهنم،والله لا يصحي بدنك،اللهم إني صائم.
أجابته بلطف:
-أمرك ابن عمي،قوم قوم غسل وشك،والبيس عشان تلحئ صلاة العصر بالجامع،وأنا رح كفي تحضير الفطور.
قطب حاجبيه وقال:
-إلهي يغسلوا بدنك ويريحوني منك،اللهم إني صائم.
هزت رأسها وقالت:
-بتمون حجي بتمون،الله ياخد من عمري ويعطيك.
رفع يده بمحاذاة وجهها ثم أنزلها،وصرخ قائلاً:
-لا تردي بوشّي،الدنيا رمضان ومابدي أغلط معك وأنزع صيامي،وسّعي هيك،اللهم إني صائم.
نهض من سريره،دفعها بقوة،وتوجه إلى الحمام،شرع يغسل وجهه ويدعو ربه بقوله:
(الحمد لله الذي جعل الماء طهورا،والإسلام نورا،وسيدي محمد جاء بالحق بشيراً ونذيرا،اللهم بيض وجهي يوم ألقاك).
ابتسمت وقالت:
-آمين حجي،الله لا يحرمنا منك يارب.
نظر إليها بوجوم وقال:
-كلي خرى ماطلبت منك تقولي آمين،أنا رايح عالجامع بدي أجي لاقي الأكل جاهز،اللهم إني صائم.
ردّت عليه:
-حاضر حاضر حجي.
أدار ظهره وتوجه إلى الباب وقال:
-أحضر جنازتك عن قريب بجاه محمد الحبيب،اللهم إني صائم.
ثم مسك مسبحته،ووضع عود السواك في فمه وتوجه إلى المسجد،وفي طريقه صادف فتاة جميلة فتمتم قائلاً:
-عمو لا تفوتي بهاد الشارع.
أجابته باستغراب:
-ليش عمو..!
ردّ عليها:
-لأنو فيه صياد غزلان هون.
فقالت بغضب:
-العمى بقلبك استحي عاشيبتك ختيار النحس،الدنيا رمضان.
أجابها ضاحكاً:
-رمضان السكري وللا رمضان مبروك أبو العلمين حمودة،هههههه.
صرخت قائلة:
-يقطع عمرك ما أغلظك،تفووووو.
مسح لحيته بيده،وتابع سيره،دخل المسجد،سلم على المصلين،توضأ وأدى فريضة العصر وتوسل إلى الله أن يقبل صلاته وصيامه،جمع حوله عدداً من طلابه،وشرع يعطيهم درس اليوم عن مكارم الأخلاق،وغض البصر وحفظ اللسان،وحدثهم عن أسباب نزول الأية(لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ)النساء 148،ولم ينسى أيضاً أن يشرح لهم الحديث النبوي الشريف(رفقاً بالقوارير).
.............
بقلم:
أبو علي هابيل 2015